هل محادثاتك مع الذكاء الاصطناعي قد تُستخدم ضدك؟ تصريح رئاسي يثير الجدل
في تصريح أثار موجة واسعة من النقاشات، حذّر الرئيس الأمريكي من أن المحادثات التي يجريها المستخدمون مع أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT قد تُستخدم مستقبلاً كأدلة قانونية ضدهم. هذا التصريح، الذي جاء ضمن لقاء تناول التحديات الأخلاقية والقانونية للتكنولوجيا الحديثة، فتح الباب أمام تساؤلات جادة حول مستقبل الخصوصية الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي.
هل ما يُكتب يُسجَّل؟
المحادثات التي نجريها مع نماذج الذكاء الاصطناعي غالبًا ما تُسجَّل وتُحلَّل لتحسين الأداء. وبينما تعلن بعض الشركات أن البيانات لا تُستخدم للتتبع الشخصي، فإن الواقع القانوني لا يزال ضبابيًا. فإذا طُلبت هذه البيانات في سياق تحقيق قانوني أو قضائي، هل ستُسلَّم؟ وهل يُمكن اعتبارها شهادة موثوقة؟
تصريحات رسمية تفتح باب القلق
الرئيس الأمريكي لم يكن الوحيد الذي عبّر عن هذه المخاوف. العديد من المسؤولين في هيئات تنظيمية مثل لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) ووزارة العدل الأمريكية أشاروا إلى أن:
- البيانات الناتجة عن المستخدمين تُخزَّن غالبًا في خوادم مركزية.
- بعض التطبيقات تشارك بيانات الاستخدام مع أطراف ثالثة.
- في بعض الحالات، يمكن استدعاء سجلات المحادثات بأمر قضائي.
ما هي المحادثات التي يمكن استخدامها قانونيًا؟
في الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى، هناك مبدأ قانوني يعرف باسم الاعتراف الطوعي. إذا عبّر المستخدم عن نيّة لارتكاب جريمة أو أقرّ بسلوك غير قانوني ضمن محادثة مع تطبيق ذكاء اصطناعي، قد يُعتبر هذا اعترافًا قابلاً للاستدعاء. حتى الآن، لا يوجد قانون شامل ينظّم استخدام هذه البيانات، ما يترك المجال مفتوحًا للتأويل القانوني.
الذكاء الاصطناعي ليس "صندوقًا أسودًا"
يعتقد البعض أن التحدث مع روبوت محادثة يشبه الكتابة في مفكرة شخصية. لكن الواقع أن أنظمة مثل ChatGPT تعتمد على البنية السحابية، وكل ما يُكتب يُحتمل أن يُخزَّن، حتى وإن كان مؤقتًا. هذا يعني أن:
- المحادثات قد تُحلَّل لأغراض تجارية أو بحثية.
- تسريب أو اختراق هذه البيانات يشكل خطرًا على الأمن الشخصي.
- عدم وضوح سياسات الخصوصية يجعل المستخدم في موقع ضعف قانوني.
تأثير ذلك على الخصوصية الفردية
إذا باتت المحادثات مع الذكاء الاصطناعي قابلة للاستخدام القانوني، فإن هذا يُعيد تعريف الخصوصية في العالم الرقمي. إذ لم يعد من الممكن اعتبار أن الحديث مع نظام ذكي يُعادل الحديث مع إنسان غير مسجَّل. بل على العكس، قد يكون "الشاهد" الأقوى في أي قضية قادمة.
الفرق بين الاستخدام القانوني والاستخدام الأخلاقي
حتى إن كان القانون يسمح باستدعاء بيانات المحادثات، فإن البُعد الأخلاقي لا يمكن تجاهله. من المسؤول عن حماية بيانات المستخدم؟ وهل الشركات المطورة مثل OpenAI أو Google مسؤولة قانونيًا عن ما ينتج عن نماذجها؟
أين يقف العالم العربي من هذه القضية؟
في العالم العربي، لا تزال التشريعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في طور التكوين. بعض الدول مثل السعودية والإمارات بدأت بوضع أطر تنظيمية، لكن تبقى الأسئلة القانونية حول خصوصية البيانات واستخدامها القضائي غير محسومة بعد. من الضروري أن تتضمن السياسات الوطنية للذكاء الاصطناعي بنودًا صريحة تحمي بيانات الأفراد من الاستغلال.
ما الذي يجب أن يعرفه المستخدم؟
على المستخدم أن يدرك ما يلي:
- أي معلومة تُرسل إلى نظام ذكاء اصطناعي قد تكون عرضة للتخزين أو التحليل.
- لا يوجد حاليًا حماية قانونية شاملة تمنع استخدام المحادثات كأدلة قضائية.
- من الأفضل تجنّب الحديث عن معلومات حساسة أو شخصية ضمن هذه الأنظمة.
مستقبل تشريعي غامض
الكونغرس الأمريكي والاتحاد الأوروبي يدرسان مشاريع قوانين تهدف إلى تنظيم عمل الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك حفظ المحادثات، استخدام البيانات في التحقيقات، ومسؤولية الشركات. لكن إلى أن تُقر هذه القوانين، فإن المستخدم يبقى في منطقة قانونية رمادية.
دروس مستفادة وتحذيرات
تصريح الرئيس الأمريكي ليس سوى البداية. إنه تنبيه بأننا دخلنا عصرًا جديدًا من الشفافية المفروضة. فما نقوله أو نكتبه، حتى في سياق غير رسمي، قد يعود ليواجهنا يومًا ما. الذكاء الاصطناعي لا ينسى، ولا يغفر.
خاتمة
في ظل التطورات المتسارعة، لم يعد التعامل مع الذكاء الاصطناعي مسألة ترف أو مجرد استخدام تكنولوجي عابر. بل هو فعل قانوني وأخلاقي في آن واحد. ومع تصاعد التحذيرات من أعلى المستويات السياسية، يجب على المستخدمين أن يعوا أن كل محادثة قد تكون "شهادة رقمية" في يوم من الأيام. فهل نحن مستعدون للتعامل مع هذا الواقع؟
📚 روابط مفيدة:
تعليقات